البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

[معنى الختم]

صفحة 138 - الجزء 1

  مِن قَومِكَ إِلّا مَن قَد آمَنَ}⁣[هود: ٣٦] ولم يقل: إني أنا الذي منعتهم من الإيمان، وفيما بينت كفاية انشاء الله.

  ووجه آخر: وهو أنه لما علم سبحانه أنهم لايؤمنون مخلدين أبدا، جعل خاتمة أعمالهم قلوبهم وحكم عليها بأنها لاتفلح ولاتصلح، وجعل لهم العذاب الأليم {كَما لَم يُؤمِنوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}⁣[الأنعام: ١١٠] وبما كانوا يكذبون، وإنما أخبر سبحانه وشهد عليهم بما عرف من أعمالهم واصرارهم على معاصيه كما خبر عن علمه بقوله: {وَلَو تَرى إِذ وُقِفوا عَلَى النّارِ} إلى قوله: {وَإِنَّهُم لَكاذِبونَ}⁣[الأنعام: ٢٨] فبأعمالهم الردية ختم على قلوبهم وعلى سمعهم أنها لاتؤمن أبدا.

  كما قال: {كَلّا بَل رانَ عَلى قُلوبِهِم ما كانوا يَكسِبونَ}⁣[المطففين: ١٤] فشهد وحكم على قلوبهم أن سوء كسبهم قد ران، والرين هو مايحيط بها من سدد أوغشاء أوذهل فلا يعقل ولايسمع قال عمر بن الخطاب: (اسيفع جهينة أصبح قد رين به) معنى ذلك قد أحيط به، وقال الشاعر:

  خلا على الهيم حمسا صاحبي ... لم ترو حتى هجرت ورين بي

  معنى ذلك حتى أحاط بقلبي السدد والغشاء والحمد لله أولا وآخراً.