البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

6 - مسألة وجوابها

صفحة 140 - الجزء 1

  الإستهزاء من الله بهم، أنه ممهل لهم وغير معاجل لأخذهم، وأنه عالم بما سينالهم من عقابه وأليم عذابه على سوء أفعالهم، وذلك فمثل مايعرفه العرب من تصرف معاني الكلام فيما بينهم، فلو أن رجلا استهزأ برجل وسخر منه، واحتمل الآخر منه ووكله إلى عقاب الله، وأخذه له منه بظلمه أياه، لجاز أن يقول قائل للمستهزيء لاتظن أنك تستهزيء بفلان فأنه هو المستهزيء والساخر منك؛ لاحتماله وتغافله عليك، وأخذه له بحقه منك بما أعده الله للمستهزئين الظالمين، من العقوبة والنكال وسوء العاقبة.

  وكذلك لو كان لرجل عبد يستهزئ به، ويخالف أمره، فينهاه مولاه عن ذلك فلا ينتهي لجاز أن يقول له مولاه أمهلتك لأعاقبك على فعلك بما تستحقه وإنما حلمي عنك لأني لاأخاف أن تفوتني بجرمك فعلى هذا المعنى الإستهزاء من الله سبحانه في جميع ماذكره من كتابه.

  وكذلك المخادعة والمكر والكيد، وكل ماأشبه ذلك في كتاب الله والحمد لله رب العالمين كما هو أهله.

  وتحقيق ذلك قوله سبحانه: {وَأُملي لَهُم إِنَّ كَيدي مَتينٌ}⁣[الأعراف: ١٨٣] أي: أن أخذي اياهم بالعذاب على ذنوبهم شديد أليم، والله مشكور وبما هو أهله مذكور.

٦ - مسألة وجوابها

  ومما ضلوا فيه ونسبوا مولاهم العدل به إلى الجور، ولم يعرفوا معناه قوله سبحانه: {فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيهِ}⁣[البقرة: ٣٧] فيقولون: إذا كان الله قد أعطى آدم