6 - مسألة وجوابها
  كلمات تلقاهن آدم فتاب بها عليه ولم يعط البيس مثل ذلك ولم يتب عليه، فجائز أن يخص بعض عباده بالتوبة عليهم والمغفرة، ويمنع ذلك بعضا.
  وجوابنا في ذلك: أننا لاننكر أن الله يختص الأنبياء والمؤمنين، فيفضلهم بأمور كثيرة من ثوابه ورحمته وهدايته، على ماقد ذكرناه في باب الهداية.
  وأما ماتلقاه آدم من ربه فإن الله أعلم جميع عباده أنه يغفر لمن تاب فقال: {وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى}[طه: ٨٢] فتلقى آدم ذلك عن ربه فتاب واستغفر وأناب.
  ويقال: إن استغفاره كان قوله: سبحان الله وأستغفر الله ولاإله إلا الله والله أكبر ويقال: إنه قال: رب إني عملت سواً وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لايغفر الذنوب إلا أنت.
  ويقال: إن قوله: {قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ}[الأعراف: ٢٣] وكل ذلك فحسن والله أعلم بحقيقة قوله، وقد كان الله أعطى ابليس ماأعطى آدم لو تلقاه عنه وفتح له باب التوبة ولجميع الخاطئين.
  ويدل على حقيقة ذلك قوله: {قُلنَا اهبِطوا مِنها جَميعًا فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ}[البقرة: ٣٨] فهداه هاهنا مادلهم عليه من التوبة والرجوع إلى طاعته، وهو الذي تلقاه آدم من ربه، ولم يتلقه ابليس وأصر على ذنبه واستكبر وامتنع، مما أمره الله به وأنكره.
  وفي بيان ذلك يقول الله سبحانه: {اهبِطا مِنها جَميعًا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى ١٢٣ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا