الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة السادسة في الامتحانات

صفحة 145 - الجزء 1

  يُحْشَرُونَ}⁣[الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}⁣[التكوير: ٥] ولا فائدة لحشرها إلا توفير العوض عليها؛ لأنها ليست من أهل العقاب فيعاقب، ولا من أهل الثواب فيثاب.

  ويدل على وجوب الانتصاف للمظلومين من الظالمين قول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}⁣[الأنبياء: ٤٧] فإذا كان الله تعالى لا يضيع مثقال الخردل فكيف يضيع عنده ما هو أكبر من ذلك.

  ويدل عليه قول النبي ÷: «ينادي منادي يوم القيامة يسمعه جميع من حضر الموقف، أنا الملك الديان، لا ينبغي لأحدٍ من أهل الجنة أن يدخل الجنة، وقِبله لأحدٍ من أهل النار مظلمة، حتى أقضيها منه، ولا ينبغي لأحدٍ من أهل النار، أن يدخل النار وقِبله لأحدٍ من أهل الجنة مظلمة، حتى أقضيها منه».

  وقال ÷: «إن الله لينتصف للشاة الجما من ذات القرنين» ولا خلاف بين المسلمين في وجوب الانتصاف للمظلومين، وإنما الخلاف بينهم في كيفية الانتصاف للمظلومين.

  فذهب المحصلون من أهل العدل إلى أن المقاصة تكون بالأعواض المستحقة على الآلام.

  وذهب المجبرة: إلى أن المقاصة تكون بالثواب، إذا كان للظالم ثواب أُعطي المظلوم منه، وإن لم يكن أخذ من عقاب المظلوم وطرح على الظالم.

  وقولهم هذا باطل؛ لأن الله سبحانه يقول: {أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}⁣[النجم: ٣٨ - ٣٩] فصح بهذه الجملة ما ذهبنا إليه في هذه المسألة.