الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(7) المسألة السابعة إن الله تعالى لا يريد الظلم

صفحة 147 - الجزء 1

  الظلم، أو غيره من القبائح، فإن منزلته تسقط عند العقلاء، كما تسقط لو فعل الظلم، وليس ذلك إلا أنه أراد القبيح، فعلمنا بذلك أن إرادة القبيح قبيحة.

  ٣ - وأما الأصل الثالث: وهو أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فقد تقدم بيانه.

  ومما يدل على ذلك: أن الله تعالى لو كان مريداً للقبائح، كما يذهب إليه المخالف، لوجب فيمن يفعل القبيح أن يسمى مطيعاً لله تعالى، وذلك لا يجوز، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن الله تعالى لو كان مريداً للقبائح، لوجب فيمن فعل القبيح أن يكون مطيعاً لله.

  والثاني: أن ذلك لا يجوز.

  ١ - فالذي يدل على الأول: أن المطيع هو مَن فَعَل ما أراده المُطاع، بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينتفي بالآخر، فلا يجوز أن يقال: فلان مطيع لفلان وما فعل ما أراده، أو فعل ما أراده وما أطاعه، بل يُعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه.

  يؤيد ذلك قول الشاعر:

  رُب من أنفجت غيضاَ صدره ... يتمنى لي موتاً لم يطع

  أي لم يفعل ما أراده.

  ٢ - والذي يدل على الثاني: أنه لا خلاف بين المسلمين في أن الفاعل للقبائح لا يكون مطيعاً لله، بل يكون مطيعاً للشيطان.

  ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه في أصل المشيئة قول الله تعالى: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ}⁣[غافر: ٣١] وقوله تعالى: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ}⁣[آل عمران: ١٠٨] فنفى بهاتين الآيتين إرادة كل ظلم وجور عن نفسه.

  فلا يجوز إثبات ما نفاه الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يكون تكذيباً للصادق وردّ لكلامه وذلك لا يجوز.

  وقوله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥] واليسر هو النفع