(7) المسألة السابعة إن الله تعالى لا يريد الظلم
  الظلم، أو غيره من القبائح، فإن منزلته تسقط عند العقلاء، كما تسقط لو فعل الظلم، وليس ذلك إلا أنه أراد القبيح، فعلمنا بذلك أن إرادة القبيح قبيحة.
  ٣ - وأما الأصل الثالث: وهو أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فقد تقدم بيانه.
  ومما يدل على ذلك: أن الله تعالى لو كان مريداً للقبائح، كما يذهب إليه المخالف، لوجب فيمن يفعل القبيح أن يسمى مطيعاً لله تعالى، وذلك لا يجوز، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أن الله تعالى لو كان مريداً للقبائح، لوجب فيمن فعل القبيح أن يكون مطيعاً لله.
  والثاني: أن ذلك لا يجوز.
  ١ - فالذي يدل على الأول: أن المطيع هو مَن فَعَل ما أراده المُطاع، بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينتفي بالآخر، فلا يجوز أن يقال: فلان مطيع لفلان وما فعل ما أراده، أو فعل ما أراده وما أطاعه، بل يُعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه.
  يؤيد ذلك قول الشاعر:
  رُب من أنفجت غيضاَ صدره ... يتمنى لي موتاً لم يطع
  أي لم يفعل ما أراده.
  ٢ - والذي يدل على الثاني: أنه لا خلاف بين المسلمين في أن الفاعل للقبائح لا يكون مطيعاً لله، بل يكون مطيعاً للشيطان.
  ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه في أصل المشيئة قول الله تعالى: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ}[غافر: ٣١] وقوله تعالى: {وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ}[آل عمران: ١٠٨] فنفى بهاتين الآيتين إرادة كل ظلم وجور عن نفسه.
  فلا يجوز إثبات ما نفاه الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يكون تكذيباً للصادق وردّ لكلامه وذلك لا يجوز.
  وقوله تعالى: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] واليسر هو النفع