الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(7) المسألة السابعة إن الله تعالى لا يريد الظلم

صفحة 149 - الجزء 1

  موافقة لله تعالى في الإرادة، ولكان الأنبياء $ مخالفين لله تعالى في الإرادة، وكل مذهب أدّى إلى أن يكون الشيطان موافقاً لله تعالى، والنبي مخالف له، وجب القضاء بفساده .....

  - وأما ما يتعلق به المخالف من قوله: لو وقع في ملك الله تعالى ما لا يريده لكان ضعيفاً عاجزاً، فذلك لا يصح.

  لأنا نقول له: إنما يدل على عجزه لو وقع على سبيل المغالبة، ولا شك أن الله تعالى قادر على منع العصاة من القبيح، لكن لو منعهم بالقهر لبطل التكليف، ولأن الله تعالى قد أمر بالطاعة ونهى عن المعصية، فوجد في ملكه ما نهى عنه، ولم يوجد ما أمَرَ به، فكما أن ذلك لا يدل على عجزه وضعفه، كذلك في مسألتنا.

  وكذلك ما يتعلقون من لفظ المشيئة نحو قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}⁣[الأنعام: ١١٢] وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقْتَتَلُوا}⁣[البقرة: ٢٥٣] وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}⁣[يونس: ٩٩] فالمراد بهذا كله وما أشبهه مشيئة الإكراه؛ لأنه قادر على أن يجبر العباد على الإيمان، وعلى أن يمنعهم من العصيان، لكن لو منعهم من ذلك لبطل التكليف؛

  لأن من شرائط حسن التكليف زوال المنع والإلجاء، فإذا منعهم الله تعالى لم يستحقوا على الحسن مدحاً ولا ثواباً، ولا على القبح ذماً ولا عقاباً.

  يؤيد ذلك قول الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ الله مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ}⁣[الأنعام: ١٤٨].