الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(9) المسألة التاسعة أن هذا القرآن محدث غير قديم

صفحة 155 - الجزء 1

  دليل آخر: وهو أن القرآن لو كان قديماً، لوجب أن تكون حروفه موجودة معاً، فيما لم يزل؛ لأن القديم هو الموجود فيما لم يزل، ولو كانت حروفه موجودة معاً، فيما لم يزل، لم يكن معقولاً، ولا مفيداً لشيء أصلاً؛ لأنه لا يفيد إلا مع الترتيب، والترتيب يقتضي الحدوث.

  دليل آخر: وهو أن القرآن مرتب في الوجود، والمرتب على هذا الوجه لا يكون إلا محدثاً، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أنه مرتب في الوجود.

  والثاني: أن المرتب في الوجود لا يكون إلا محدثاً.

  ١ - فالذي يدل على الأول: أنه منظوم من هذه الحروف التي تتلو بعضها بعضاً في الوجود، ولا يكون كلاماً مفيداً إلا مع هذا الترتيب، ألا ترى أن قول الله تعالى: {الحمد لله} حروف قد تقدم بعضها على بعض، فلولا أن الألف متقدمة على اللام، واللام متقدمة على الحاء، والحاء متقدمة على الميم، والميم متقدمة على الدال لما كان كلاماً مفيداً لهذا المعنى، بل كان يجب إذا وجدت معاً، أن لا يكون حمداً، أولى من أن يكون دحماً أو مدحاً أو غير ذلك، وكذلك الكلام في سائر ألفاظه، فبان أنه مترتب في الوجود، وأن بعضه متقدم على بعض.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: هو أن المرتب على هذا الوجه لا يكون إلا محدثاً، فالذي يدل على ذلك أن المسبوق من حروفه محدث، لأنه قد تقدم غيره، وهو السابق له في الوجود، وما تقدمه غيره فهو محدث.

  وكذلك السابق على