(4) المسألة الرابعة أن أصحاب الكبائر فساقا
  المعصية، ولم يحتج إلى تفريق حاكم؛ لأن أحدهما يكون فاسقاً لا محالة؛ لأن الزوج إن كان صادقاً كانت الزوجة فاسقة، لأجل الزنا؛ وإن كان كاذباً، كان فاسقاً لأجل القذف، الذي نص الله سبحانه بأنه فسق بقوله تعالى: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: ٤] إذ لا ملاعنة مع بطلان الزوجية، كما لا ملاعنة بين الأجنبيين، فلو علمنا صحة الملاعنة بينهما لدلَّ ذلك على الفسق وليس على الكفر، فبطل ما تقوله الخوارج.
  ***
  في نقد المرجئة:
  وأمَّا ما تقوله المرجئة من تسمية الفاسق مؤمناً: فذلك لا يصح أيضاً؛ لأن قولنا مؤمن اسم مدح وتعظيم، والفاسق لا يستحق المدح والتعظيم، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أن قولنا مؤمن اسم مدح وتعظيم.
  والثاني: أن الفاسق لا يستحق المدح والتعظيم.
  أما الأصل الأول: وهو أن قولنا مؤمن اسم مدح وتعظيم.
  ١ - فالذي يدل على الأول: أنه يحسن توسطه بين أوصاف المدح، فيقال: فلان بَرّ، تقيٌ، مؤمنٌ، صالحٌ، زكيٌ، لما كان متوسط بين أوصاف المدح.
  فلو لم يكن مدحاً لما حسن توسطه بين أوصاف المدح، كما لا يحسن أن يقال: فلان برٌّ، تقيٌ، أسودُ، صالحٌ، زكيُّ، لمّا كان قد توسط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: ٢] إلى غير ذلك من آيات القرآن الكريم، الذي يقتضي مدح المؤمنين.
  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أن الفاسق لا يستحق المدح والتعظيم.