الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(5) المسألة الخامسة: في الشفاعة

صفحة 186 - الجزء 1

  جميع ما وقع عليه ذلك الاسم.

  بدليل صحة الاستثناء، وصحة الاستثناء تدل على الاستغراق على ما تقدم، ولا شك أنه كان يصح منه تعالى أن يستثني أي شفيع شاء، فصح أنه مستغرق لكل شفيع.

  ٢ - والذي يدل على الثاني: أن اسم الظالمين اسم جمع معرف بالألف واللام، ومن حق اسم الجمع المعرف بالألف واللام أن يستغرق جميع ما يصح له ذلك الاسم، ما لم يكن معهوداً بشيء ينصرف الخطاب إليه.

  بدليل صحة الاستثناء، وصحة الاستثناء تدل على الاستغراق، على ما تقدم بيانه.

  ولا شك أنه كان يصح منه أن يستثني أي ظالم شاء، فصح أنه مستغرق لكل ظالم.

  ٣ - والذي يدل على الثالث: أنه لا خلاف بين المسلمين في الفاسق أنه ظالم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}⁣[الطلاق: ١] والفاسق من جملة من تعدَّ حدود الله، فثبت أن الفاسق ظالم.

  ٤ - وأما الأصل الرابع: وهو أن إثبات ما نفاه الله تعالى لا يجوز، ويدل عليه أن إثبات ما نفاه الله تعالى يكون تكذيباً له تعالى ورد لكلامه، وذلك لا يجوز بلا خلاف بين المسلمين، فلو يشفع النبي ÷ لأحدٍ من هؤلاء الظلمة، لأدى ذلك إلى أحد باطلين:

  أ - إما أن يطاع وتقبل شفاعته، فيكون ذلك تكذيباً للآية وإبطالاً لمعناها.

  ب - وإما أن لا يطاع، فيكون ذلك اسقاطاً لمنزلته ومرتبته عليه وآله أفضل الصلاة والسلام وخرقاً للإجماع المنعقد على أن شفاعته مقبولة في ذلك اليوم، ومخالفة للمقام المحمود الذي وعده الله سبحانه أن يبعثه فيه بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}⁣[الإسراء: ٧٩].

  فثبت أن شفاعة النبي ÷ لا تكون لأحدٍ من هؤلاء الظلمة يوم القيامة، وإنما تكون لمن يدخل الجنة فيزيدهم الله بها نعيماً إلى نعيمهم، وسروراً إلى سرورهم، على حد شفاعة الملائكة $