الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(5) المسألة الخامسة: في الشفاعة

صفحة 187 - الجزء 1

  $ كما حكاه الله تعالى عنهم بقوله: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}⁣[الأنبياء: ٢٨] ولا شك أن الفاسق ليس بمرضيّ عند الله فلا تجوز الشفاعة له.

  ***

  واعلم أنها قد تستعمل في جلب النفع، كما تستعمل في دفع الضرر، يقال: يشفع الوزير إلى الأمير ليزيد له في راتبه وعطيته.

  كما يقال: شفع إليه ليصفح عن جرمه وخطيئته، قال الشاعر:

  فذاك فتى إن جئته لصنيعةٍ ... إلى مسألة لم تأتهِ بشفيع

  وأظهر من ذلك قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}⁣[غافر: ٧].

  فإذا حسن من الملائكة $ أن يسألوا هذه المنافع، التي ذكرها الله تعالى في الآية للمؤمنين، على سبيل الشفاعة لهم، لم يمنع أن تكون شفاعة نبينا ÷ للمؤمنين لزيادة النفع، فبطل بذلك قول من يقول من المرجئة، إن الشفاعة إلا لدفع الضرر.

  ***

  ثم يقال للمرجئة هل يحسن من الإنسان أن يدعو إلى الله تعالى أن يدخله في شفاعة النبي ÷؟

  فإن قالوا: لا. خالفوا الإجماع، وإن قالوا: نعم.

  قلنا: فهل يحسن منه أن يدعو إلى الله أن يميته فاسقاً، حتى يستحق شفاعته عليه وآله الصلاة والسلام؟