الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

معرفة الله تعالى واجبه

صفحة 48 - الجزء 1

  ١ - أما الأصل الأول: وهو أن معرفة الله تعالى لطف.

  معنى اللطف هو ما يكون المكلفون معه أقرب إلى أداء الواجبات، واجتناب المقبحات.

  والذي يدل على أن معرفة الله تعالى لطف:

  هو أن من عرف أن له صانعاً صنعه، ومدبراً دبره، إن أطاعه أثابه، وإن عصاه عاقبه، فإنه يكون أقرب إلى أداء فعل الطاعة واجتناب المعصية، ممن لم يعرف ذلك.

  وإنما قلنا ذلك لأنه متى عُرِف ثوابه لأهل طاعته، فقد عُلِم بأن النفع العظيم، وهو الثواب الدائم، متعلق بالطاعة، فيدعوه علمه بذلك إلى الصبر على فعلها.

  أو متى عُلِم معاقبته لأهل معصيته، فقد عُلِم بأن الضرر العظيم، وهو العقاب الدائم، متعلق بالمعصية، فيدعوه علمه بذلك إلى الصبر على تركها.

  كما أن من علم أن في التجارة ربحاً عظيماً، وفي الطريق خوفاً شديداً، فإنه يكون أقرب إلى التمسك بالتجارة، والتجنب للطريق، ممن لم يعرف ذلك، وهذا معلوم عند كل عاقل، ولا يدفعه إلا معاند.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أن تحصيل ما هو لطف بهذه الصفة واجب.

  فالذي يدل على ذلك: أنه يجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ودفع الضرر عن النفس واجب، إذا كان المدفوع به دون المدفوع، سواء كان الضرر مظنوناً أو معلوماً، وكذلك ما يجري مجراه، وهذه الدلالة مبنية على أربعة أصول:

  أ - أحدها: أن معرفة الله تعالى تجري مجرى دفع الضرر عن النفس.

  ب - الثاني: أن دفع الضرر عن النفس واجب إذا كان المدفوع به دون المدفوع.

  جـ - الثالث: أنه يستوي فيه المظنون والمعلوم.

  د - الرابع: أن ما جرى مجرى دفع الضرر عن النفس واجب كوجوبه.