الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

الفصل الثاني وهو أن النظر واجب

صفحة 49 - الجزء 1

  ١ - أما الأصل الأول: وهو أن معرفة الله تعالى تجري مجرى دفع الضرر عن النفس.

  فالذي يدل على ذلك: قد تقدم، حيث بينا أن المكلف متى عرف أن له صانعاً صنعه، كان أقرب إلى فعل الطاعة وترك المعصية.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أن دفع الضرر عن النفس واجب، فذلك معلوم ضرورة.

  وقلنا: إذا كان المدفوع به دون المدفوع، فمثاله أن العقلاء يسارعون إلى الفصد والحجامة؛ ليدفعوا بها مضاراً هي أعظم منها، ولولا علمهم بوجوب دفع الضرر عن النفس لَمَا تحملّوا هذه المشاق، فاذا ثبت ذلك فلا شك أن مشقة العقاب أعظم من مشقة الطاعة.

  فيجب على العاقل أن يتحمل مشقة الطاعة، ليدفع بها ما هو أعظم منها، من ضرر العقاب.

  ٣ - وأما الأصل الثالث: وهو أنه يستوي فيه المظنون والمعلوم، فذلك معلوم ضرورة، فإنه لا فرق عند العقلاء بين أن يخبرهم مخبر ظاهره العدالة، بأن في الطعام سماً وبين أن يشاهدوه، فإنه يجب عليهم اجتنابه في الحالين جميعاً، وإن كان الخبر يقتضي الظن، والمشاهدة تقتضي العلم، فإذا كان ضرر العقاب مظنوناً للمكلف في أول أحوال تكليفه، وجب عليه أن يدفعه باجتناب ما يظن أنه يؤديه إليه.

  ٤ - وأما الأصل الرابع: وهو ما جرى مجرى دفع الضرر عن النفس وجب كوجوبه؛ فالذي يدل عليه أن يصير كالوصلة إلى دفع الضرر الذي يجب دفعه، فإذا كان ضرر العقاب مظنوناً للمكلف في أول أحوال التكليف، وكان لا يتم للمكلف دفعه إلا بفعل الطاعة وترك