الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(10) المسألة العاشرة أن الإمامة بعد الحسن والحسين @ فيمن قام ودعى من أولادهما

صفحة 220 - الجزء 1

  فالجواب عنه: أن هذا الخبر لو صح فإنه ليس في ظاهره ما يدل على ما ذهبوا إليه، إن ظاهره يدل على ثبوت الإمامة لبعض مجهول من قريش؛ لأن لفظة مَنْ تقتضي التبعيض، كما يقال: أكلت من الطعام، وشربت من الشراب، وقد وقع الإجماع منهم على جواز الإمامة في ولد الحسن والحسين، وهم بعض مخصوص من قريش، وخالفناهم في سائر قريش، فكان الخبر لو صح، مؤكداً لما ذهبنا إليه في جواز الإمامة في ولد الحسن والحسين، وبعد فلو سلمنا لهم أن لفظة مَنْ، المذكورة في الخبر، تفيد بيان الجنس، فإنها تقتضي التبعيض.

  ألا ترى إلى أن القائل إذا قال: خاتم من فضة، وباب من حديد، فإن ذلك كما يفيد بيان الجنس في الخاتم والباب، فإنه يفيد أنهما بعضان من أبعاض الفضة والحديد، وليسوا بأن يحملوها على بيان الجنس، أولى من أن يحملوها على التبعيض، فنستوي نحن وهم في الخبر فسقط تعلقهم به.

  وكذلك فلا يصح أيضاً ما تدعيه الخوارج من أن قول الله تعالى: {أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩] يدل على جواز الإمامة في جميع الناس؛ لأنه ليس في ظاهر الآية ما يدل على ما ذهبوا إليه، وإنما ظاهرها يفيد وجوب طاعة أولي الأمر منا، ولفظة مَنْ تقتضي التبعيض على ما قدمنا، ولم يعين الله تعالى في هذه الآية ذلك البعض، الذي أوجب علينا طاعته، فبقيت الآية محتملة تفتقر إلى التأويل، فصح أنه لا تعلق لهم في شيء مما ذكروا، وصح ما ذهبنا إليه من أن الإمامة مقصورة على ولد الحسن والحسين $، وبقي ما عداهم ممنوعاً من ذلك بحكم العقل لعدم المبيح الشرعي.

  ***