(2) وأما الفصل الثاني وهو أن الدعوة طريق إلى ثبوت الإمامة فيهم
  الدعوة، ودعواهم أن الاختيار طريق إلى الإمامة، فقد بينا بطلانها.
  وإنما قلنا: بعد بطلان قول أصحاب النص، فلأن أصحابه لا يعتبرون هذه الأوصاف في الإمام، بل يجوزون ثبوت الإمامة، فيمن أرخى ستره، وأغلق عليه بابه، ولم ينابذ الظالمين، فمهما لم يبطل دعواهم لم يصح لنا الاحتجاج بالإجماع؛ لأنهم غير مجمعين معنا، وتعويلهم في ذلك على النص، وقد بينا بطلانه.
  ٢ - والذي يدل على الثاني قد تقدم بيانه.
  ٣ - والذي يدل على الثالث: هو ما قدمنا من أن الإمامة أمر شرعي، فلا يجوز أن تؤخذ أدلتها إلاَّ من جهة الشرع، ولا دلالة في الشرع تدل على كون غير الدعوة، طريق إلى ثبوت الإمامة.
  فإن الأمامية تقول: إن طريقها النص، ومن لا نص عليه فلا إمامة له، وقد أبطلنا قولهم.
  وكذلك فقد أبطلنا ما تدعيه الخوارج، والمعتزلة، من أن طريق الإمامة العقد والاختيار.
  وكذلك فلا يصح أيضاً ما تدعيه العباسية، من أن طريق الإمامة الإرث؛ لأنه لا دلالة له في الشرع، تدل على أن الإرث طريق إلى الإمامة؛ ولأن العباس ¥ كان أولى العصبات بالنبي ÷ ولم يدعيها لنفسه، بل روي عنه ما قدمنا من أنه قال لعلي #: أمدد يدك أبايعك، وقال العباس في ذلك شعراً:
  ما كنت أحسب أن الأمر منتقلٌ ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
  أليس أول من صلى لقبلتكم ... وأعرف الناس بالآثار والسنن