الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(10) المسألة العاشرة أن الإمامة بعد الحسن والحسين @ فيمن قام ودعى من أولادهما

صفحة 224 - الجزء 1

  ولأن من حق الجزاء على الأعمال الصالحة، أن يكون شهياً لذيذاً، ولا شك أن الإمامة من الأمور الشاقة المتعبة، بل هي أيضاً من جملة التكاليف التي تجب، فكيف يجوز أن يجازى بتكليف على تكليف، ولأن العاملين فيهم كثرة، فلو كانت جزاءً على الأعمال، لوجب أن لا يختص بها بعض العاملين دون بعض؛ لأن الله تعالى لا يجوز أن ينقص عاملاً عمله.

  وقد ثبت أنه إذا اجتمع من يصلح للإمامة، كانت الإمامة جائزة في أحدهم دون سائرهم، لما قالت الأنصار يوم السقيفة للمهاجرين: منا أمير، ومنكم أمير، قال عمر بن الخطاب: سيفان في غمد إذاً لا يصلحان، فأقرّه، فكان ذلك إجماعاً منهم، على أن الإمامة لا تجوز في وقت واحد إلاَّ لشخص واحد.

  ولا يجوز أن يكون طريقها القهر والغلبة كما تدعيه الحشوية؛ لأن المبطل الظالم قد يغلب المحق العدل، ولا يجوز ثبوت الإمامة له.

  ولأنه لا دلالة تدل في الشرع على كون الغلبة طريقاً إلى الإمامة بل الشرع الشريف يقضي بخلاف ذلك، قال الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة: ١٢٤] فإذا بطلت هذه الأقاويل بما قدمنا من الأدلة، لم يبق من أقوال الأمة طريق إلى الإمامة سوى الدعوة، التي وقع الإجماع على معناها.

  فثبت الأصل الثالث، وهو أنه لا دليل على خلاف ما أجمعوا عليه.

  ٤ - وأما الأصل الرابع: وهو أنه لو بطل ذلك، لخرج الحق عن أيدي الأمة.

  فالذي يدل على ذلك: أن الدعوة لو بطلت مع ما قدمنا من بطلان سائر الطرق، لخرج الحق عن أيدي الأمة؛ لأنه يصير كل فريق منهم قائلاً بقولٍ