(3) وأما الفصل الثالث: وهو الكلام في شروط الإمام، التي يجب كونه عليها،
  ولا يجب أن يكون أعلم الناس، كما تدعيه الإمامية؛ لأن اعتبار كونه أعلم الناس يؤدي إلى سد باب الإمامة، من حيث أنه لا طريق لأحدٍ إلى معرفة ذلك إلا بأحد وجهين:
  إما بوحي من الله تعالى.
  أو بأن يحيط الإنسان بأقطار الأرض، ويعرف علماؤها، ومقادير علومهم، وكل ذلك متعذر في زماننا هذا.
  ٢ - وثانيها: الورع، وهو الكف عن المحرمات، والقيام بالفرائض والواجبات.
  ٣ - وثالثها: الفضل، والمراد به، أن يكون له من المحافظة على أمور الدين والقياس بذلك، بحيث يعد أفضل الأمة، أو من جملة أفاضلهم.
  ٤ - ورابعها: الشجاعة، والمراد بذلك أن يكون له من رباطة الجأش، وثبات القلب ما يصلح معه لإمارة الجيوش، وتدبير أمور الحرب، ويجب أن يكون له من المواطن المشهور ما يعرف به شجاعته، وإن لم يكثر قتله وقتاله.
  ٥ - وخامسها: السخاء، والمراد بذلك ألا يكون معه بخل، يمنعه من وضع الحقوق في مواضعها.
  ٦ - وسادسها: القوة على تدبير الأمر، والمراد بذلك أن يكون سليماً في بدنه من الآفات، المانعة من القيام بجهاد أعداء الله تعالى، كالعمى، والجذام، والبرص، وما أشبه ذلك.
  ويجب أن يكون له من جودة الرأي، وحسن التدبير، ما يصلح أنه يفزع إليه في المشورة والرأي السديد.
وأما الموضع الثاني
  وهو في الدليل على أن الإمام يجب كونه عليها.
  فالذي يدل على ذلك: أنه لا خلاف بين الأمة، في أن الإمام يجب كونه عليها، وذلك ظاهر من أحوالهم، فإن من عرف أحوال السلف الصالح، من وقت الصحابة ¤ إلى زماننا هذا، علم أنهم كانوا لا يجيزون إمامة، من عدم هذه الشروط.