الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

معرفة الله تعالى واجبه

صفحة 52 - الجزء 1

  يدل على ذلك: أن ما يعرف بالبديهة، هو مثل أن العشرة أكثر من الخمسة، وهذا مما لا يختلف العقلاء فيه لما كان معروفا بالبديهه.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أنهم قد اختلفوا فيه فذلك معلوم ضرورة، فإن بعضهم أثبت الصانع، وبعضهم نفاه، وبعضهم وحده، وبعضهم ثناه، فثبت أنه لا يعرف بالبديهة.

  ٢ - وإنما قلنا أنه لا يعرف بالمشاهدة، فلأنه لو صحت مشاهدته في حالٍ من الأحوال لشاهدناه الآن، ومعلوم أنا لا نشاهده الآن.

  وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أ - أحدهما: أنه لو صحت مشاهدته في حال من الأحوال لشاهدناه الآن.

  ب - والثاني: أنا لا نشاهده الآن.

  ١ - أما الأصل الأول: وهو أنه لو صحت مشاهدته في حال من الأحوال لشاهدناه.

  فالذي يدل على ذلك: أن الحواس سليمة، والموانع مرتفعة، وهو (المدرك) تعالى موجود وهذه الشرائط التي معها ترى المرئيات.

  أ - والحواس خمس وهي حاسة السمع، والبصر، والذوق، والشم، و اللمس.

  ب - والموانع ثمانية: وهي البعد المفرط، والقرب المفرط، والدقة، واللطافة، والحجاب الكثيف، وكون المرئي في خلاف جهة الرائي، وكون محله في بعض هذه الأوصاف، وعدم الضياء المناسب للعين.

  فهذه الموانع لا تمنع إلا رؤية الأجسام والألوان، والله تعالى ليس بجسم ولا لون، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أنا لا نشاهده الآن.

  فالذي يدل عليه: أنا لو شاهدناه لما اختلف العقلاء فيه