الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

معرفة الله تعالى واجبه

صفحة 53 - الجزء 1

  ٣ - وإنما قلنا إنه تعالى لا يعرف بالأخبار المتواترة؛ لأن الأخبار المتواترة لا تكون طريقاً إلى العلم إلا إذا كانت مستندة إلى المشاهدة، وهو تعالى لا تجوز مشاهدته، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن الأخبار المتواترة لا تكون طريقاً إلى العلم إلا إذا كانت مستندة إلى المشاهدة.

  والثاني: أنه تعالى لا يجوز مشاهدته.

  ١ - أما الأصل الأول: فالذي يدل عليه: أن الطائفة العظيمة لو أخبرتنا بوجود بلد في الدنيا، يقال لها بغداد، لعلمنا صحة ما تقوله، ولو أخبرتنا تلك الطائفة بعينها أن الله تعالى يرى بالأبصار، فإنا لا نعلم صحة ما تقوله، ولم يكن فرقاً بين الخبرين، إلا أن الخبر الأول مستند إلى المشاهدة، التي لا يجوز دخول الالتباس فيها.

  والثاني من الخبرين مستند إلى الاعتقاد، الذي يجوز دخول الالتباس فيه.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز مشاهدته، فانما يدل على هذا ما تقدم بيانه، فإذا بطلت هذه الأقسام الثلاثة لم يبق لنا طريق إلى معرفة الله تعالى سوى النظر والاستدلال.

  ***

[٤] وأما الأصل الرابع: وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجباً كوجوبه

  فالذي يدل على ذلك أن من وجب عليه قضاء الدين، ورد الوديعة ونحو ذلك، ولم يتمكن من ذلك إلا بالقيام وفتح الباب، وإخراج المال، وجبت هذه الأفعال كلها.

  بدليل أن العقلاء يذمون على الإخلال بها، كما يذمونه على الإخلال برد الوديعة.