الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الاول مسائل الاثبات

صفحة 65 - الجزء 1

  إلى غيره، أو معدومه. ولا يجوز أن تكون باقية فيه مع وجود ضدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الجسم متحركا ساكناً في حالةٍ واحدة، وذلك محال.

  ولا يجوز أن تكون منتقلة عنه إلى غيره؛ لأنها لو كانت منتقلة لكانت متحيزة.

  ولا يجوز أن تكون متحيزة، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أنها لو كانت منتقلة لكانت متحيزة.

  والثاني: أنه لا يجوز أن تكون متحيزة.

  فالذي يدل على الاول: أن الانتقال هو تفريغ جهة وشغل أخرى بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، فلا يجوز أن يقول قائل: انتقلت من جهة إلى جهة ومافرغت جهة ولا شغلت أخرى، بل يعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه من جهة المعنى، جارياً مجرى من يقول انتقلت وما انتقلت.

  فثبت الأصل الأول وهو أن هذه الأعراض لو كانت منتقلة لكانت متحيزة.

  وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز أن تكون متحيزة.

  فالذي يدل على ذلك: أنها لو كانت متحيزة لم يوجد عرضان في محل واحد، كما أن الأجسام لما كانت متحيزة لم يوجد جسمان في محل واحد، ألا ترى أنه يتعذر على الواحد منا أن يدخل في الجبل الأصمّ لمّا كان متحيزاً.

  فلما علمنا وجود الأعراض الكثيرة في المحل الواحد، كحيز الزمان، بطل أن تكون الأعراض متحيزة، وإذا بطل أن تكون الأعراض متحيزة، بطل أن تكون منتقلة.

  فإذا بطل أن تكون الحركة باقية في الجسم مع وجود ضدها، وبطل أن تكون منتقلة لم يبق إلا أن تكون معدومة.

  ***

  (٢) وأما الأصل الثاني: وهو أن القديم لا يجوز عليه العدم والبطلان.

  فالذي يدل على ذلك: أن القديم قديم لذاته، وخروج الموصوف عن صفة ذاته لا يجوز.