الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الاول مسائل الاثبات

صفحة 69 - الجزء 1

  وإذا علمنا أن احدهما لم يتقدم الآخر في الولادة، ثم علمنا أن لأحدهما عشر سنين، فإنا نعلم أن للآخر كذلك، فإذا ثبت مما قدمناه، من أن الأجسام لم تخل من الأعراض المحدثة، بل وجدت معاً، وجب أن تكون الأجسام محدثة بالضرورة فثبت ان الاجسام محدثه.

  * وأما الأصل الثاني: وهو أن المحدث لابد له من محدث.

  فالذي يدل على ذلك: ما نعلمه من تصرفاتنا في الشاهد كالبناء، والكتابة، فإنها محدثة، وهي محتاجة إلينا، وإنما احتاجت إلينا، لأجل حدوثها، فإذا شاركتها الأجسام في الحدوث وجب أن تشاركها في الحاجة إلى محدث، وهذه الدلالة مبنية على خمسة أصول:

  أحدها: أن لنا أفعالاً وتصرفات.

  الثاني: أنها محدثة.

  الثالث: أنها محتاجة إلينا.

  الرابع: أنها إنما احتاجت إلينا لأجل حدوثها.

  الخامس: أن الأجسام إذا شاركتها في الحدوث وجب أن تشاركها في الحاجة إلى محدث.

  أما الأصل الأول فقد تقدم بيانه في الدعوتين الأولتين.

  وأما الأصل الثالث وهو أنها محتاجة إلينا، فمعنى حاجتها إلينا، هو أنه لولا نحن وكوننا قادرين لما وجدت.

  والدليل على أنها محتاجة إلينا بهذا المعنى: أنها توجد بحسب قصودنا ودواعينا، وتنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا، مع سلامة الأحوال، إما محققاً وإما مقدراً.