القسم الاول مسائل الاثبات
  ومعنى قولنا توجد بحسب قصودنا ودواعينا، أنا متى أردنا حدوثها أو أدّانا إلى ذلك داعي وجبت مطابقته للقصد والداعي، ومعنى قولنا تنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا، أنا متى كرهنا وجودها، أو صرفنا الصارف عن ذلك لم توجد، لأجل الكراهية والصارف، ونرى سلامة الأحوال أن يخلص الداعي الواحدَ منا إلى إيجادها، ولا يمنعه مانع من ذلك، فلولا حاجتها إلينا وتعلقها بنا لما وجبت فيها هذه القضية، كما لم تجب في أفعال غيرنا، ألا ترى أن أفعال غيرنا لا تقف على أحوالنا، بل قد نريد وجودها فلا توجد ونكره وجودها فتوجد، ومعنى قولنا إما محققاً وإما مقدراً، فنريد بالمحقق فعل العالِم المميز لفعله، وبالمقدر فعل الساهي والنائم، فإنها لا توجد بحسب قصده ولا داعية، وهو مع ذلك مضاف إليه، بدليل أنه يقف على قدره، قبل نقله ما فيه من القدر ويكثر بكثرتها، ولهذا فإن النائمين يتجاذبان الثوب في حال نومهما، فيستبد به أزيدهما قدرة، فثبت أن أفعالنا محتاجة إلينا.
  وأما الأصل الرابع: وهو أنما احتاجت إلينا لأجل حدوثها.
  فالذي يدل على ذلك: أن الذي يحصل بحسب أحوالنا هو حدوثها، ألا ترى أنا متى أردنا حدوثها حدثت، ومتى كرهنا حدثوها لم تحدث، فثبت أن وجه حاجتها إلينا هو حدوثها.
  وأما الأصل الخامس: وهو أن الأجسام إذا شاركتها في الحدوث وجب أن تشاركها في الاحتياج إلى محدث.
  فالذي يدل على ذلك: أن كل مشتركين اشتركا في علة حكم، فالواجب أن يشتركا في ذلك الحكم، وإلا عاد على أصل تلك العلة بالنقض والإبطال، فإذا كانت العلة في حاجة أفعالنا إلينا هو حدوثها، فلا شك أن الأجسام قد شاركتها في الحدوث، فيجب أن تشاركها في الحاجة إلى محدث، وإلا عاد على