(2) المسألة الثانية أن الله تعالى قادر
  بالصحة الإمكان ولا شك أنه لو لم يكن ممكن الوجود، بل كان مستحيلاً لما وقع، والمستحيلات لا يصح وقوعها.
  ٢ - والذي يدل على الثاني، أنا وجدنا في الشاهد ذاتين:
  أحدهما: يصح منه الفعل كالصحيح السليم، والآخر: يتعذر عليه الفعل كالمريض المدنف، فالذي صح منه الفعل، يجب أن يفارق من تعذر عليه بمفارقة، لولاها لما صح من أحدهما ما تعذر على الآخر، وقد عبر أهل اللغة عن هذه المفارقة، بأن سموا من صح منه الفعل قادراً، فإذا كان الله تعالى قد صح منه من الفعل ما يتعذر على غيره، ثبت أنه تعالى قادر؛ لأن طرق الأدلة لا تختلف شاهداً وغائباً.
  ومعنى ذلك: أن الصفة اذا ثبتت في الشاهد بطريق، ثم وجدت تلك في الغائب، وجب أن تثبت الصفة في الغائب، كثبوتها في الشاهد، وإلاَّ خرج الدليل عن كونه دليلاً، وخروج الدليل عن كونه دليلاً لا يجوز، فثبت بهذه الجملة أن الله تعالى قادر.