(6) المسألة السادسة أن الله تعالى قديم
  أ - في نقد الأشاعرة:
  أنه قد ثبت أن الله تعالى يستحق هذه الصفات، وهي قادر، عالم، حي، سميع، بصير.
  فلا يخلو، إما أن يستحقها لذاته، أو لغيره.
  والغير لا يخلو، إما أن يكون فاعلاً، أو علة.
  والعلة لا تخلو، إما أن تكون موجودة، أو معدومة.
  والموجودة لا تخلو، إما أن تكون قديمة، أو محدثة.
  والأقسام كلها باطلة، سوى أنه يستحقها لذاته.
  أما أنه لا يجوز أن يستحقها بالفاعل؛ فلأنه تعالى قديم، فلا فاعل له.
  وأما أنه لا يجوز أن يستحقها لمعان معدومة؛ فلأن العدم مقطعة الاختصاص، والعلة لا توجب إلا بشرط الاختصاص، فإذا زال الشرط زال المشروط.
  وأما أنه لا يجوز استحقاقها لمعان قديمة، كما تقوله الأشعرية، ومن قال بقولهم.
  فلأنه لو جاز ذلك عليه، لوجب في تلك المعاني أن تكون أمثالاً لله تعالى؛ لمشاركتها له في القدم، الذي به فارق سائر المحدثات.
  وقد ثبت أن الله تعالى لا مثل له، على ما يأتي بيانه.
  فإذا ثبت أن هذه الصفات واجبة لله تعالى، عندنا وعند المخالف، ثم لم يحتج في وجوب وجوده له تعالى إلى معنى قديم، وجب في سائر الصفات أن يستغني بوجوب ثبوتها له سبحانه عن معان قديمة؛ لأنه لا مخصص يقتضي حاجة بعضها، إلى معنى قديم دون البعض الآخر، فبطلان ان يستحقها لمعان قديمة.
  وقولهم لا هي الله تعالى ولا هي غيره، مناقضة ظاهرة عند جميع العقلاء المنصفين؛ لأن القدرة القديمة، والعلم القديم، والحياة القديمة، والسمع القديم، والبصر القديم، متغايرة في نفسها، ولهذا لم يقام كل واحدة منها مقام الآخرى.
  فإذا كانت هذه المعاني متغايرة على ما بيّنا؛ فكيف يصح قولهم بعد ذلك لا هي الله ولا هي غيره!
  وقد ثبت أن كل مذكورين، يجب أن يكون أحدهما غير الآخر، إذا لم يكن بعضاً له، فبطل ما تقوله الأشعرية، ولزمهم أن تكون هذه المعاني القديمة، التي أثبتوها لله تعالى أغياراً له تعالى.