القسم الثاني مسائل النفي
  ١ - فالذي يدل عليه: أنه لا اختصاص لذاته ببعض المنفرات دون بعض.
  ألا ترى أنه لما كان عالماً لذاته، وجب أن يكون عالماً بجميع المعلومات.
  ٢ - والذي يدل على الثاني: أنه لو كان نافراً عن جميع المنفرات؛ لوجب أن يكون ملجأ، إلى أن لا يخلق شيئاً منها، لعلمه بأن عليه في إيجادها مضرة، وليس له فيه منفعة، وهو غير ملجأ إلى خلق المنفرات.
  وفي علمنا بوجود المنفرات الكثيرة من فعله تعالى، دلالة على أنه غير نافر عنها، فبطل أن يكون مشتهياً ونافراً لذاته.
  - وأما أنه لا يجوز أن يكون مشتهياً ولا نافراً بالفاعل؛ فلأنه تعالى قديم، والقديم لا فاعل له.
  - وأما أنه لا يجوز أن يكون مشتهياً بشهوة معدومة؛ فلأن العدم مقطعة الاختصاص، والعلة لا توجب إلا بشرط الاختصاص، فإذا زال الشرط زال المشروط؛ ولأن في العدم نفرة كما أن فيه شهوة، فلو أوجبت له الشهوة المعدومة كونه مشتهياً لشيء؛ لأوجبت له النفرة المعدومة كونه نافراً عن ذلك الشيء؛ لأنه لا اختصاص لهما به تعالى، فكان ذلك يؤدي إلى أن يكون مشتهياً للشيء الواحد، نافراً عنه في حالة واحدة، وذلك محال.
  - ولا يجوز أن يكون مشتهياً ولا نافراً لمعنى قديم من شهوة أو نفرة؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن تكون تلك المعاني القديمة أمثالاً لله تعالى؛ لمشاركتها له في القدم الذي هو أخص الصفات، وقد ثبت أن الله تعالى لا مثل له على ما يأتي بيانه.
  - ولا يجوز أن يكون مشتهياً بشهوة محدثة؛ لأنه كان يجب أن يكون ملجأ إلى إيجاد الشهوة والمشتهى، مع علمه بأن له في إيجادها نفعاً خالصاً ولذة كاملة، وليس عليه فيه مضرة، وهو قادر على إيجاد الشهوة والمشتهى.