(3) المسألة الثالثة: أن الله تعالى لا يرى بالأبصار في الدنيا ولا في الآخرة
  ومعلوم أنا لا نراه الآن، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أنه لو صح أن يُرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن.
  والثاني: أنا لا نراه الآن.
  وقد تقدم بيان هذين الأصلين، حيث بينا أنه تعالى لا يعرف بالمشاهدة.
  ومما يدل على ذلك أن الواحد منا لا يراه إلا بالحاسة، والرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلاً أو في حكم المقابل.
  والقديم تعالى ليس بمقابل، ولا في حكم المقابل، وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:
  أحدها: أن الواحد منا لا يرى إلا بالحاسة.
  والثاني: أن الرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلاً أو في حكم المقابل.
  والثالث: أن القديم تعالى ليس بمقابل ولا في حكم المقابل.
  ١ - فالذي يدل على الأول: أن الواحد منا متى حصلت له الحاسة السليمة، صح أن يرى المرئيات، ومتى عدمت أو سقمت استحال أن يرى المرئيات.
  ٢ - والذي يدل على الثاني: وهو أن الرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلاً، أو في حكم المقابل.
  فالذي يدل على ذلك: أن الواحد منا متى حصلت له المقابلة، أو ما في حكمها صح أن يرى المرئيات.
  ومتى عدمت المقابلة أو ما في حكمها، استحال أن يرى المرئيات.
  ٣ - والذي يدل على الثالث: أن المقابلة أو ما في حكمها لا تجوز إلا على المحدثات، والله تعالى ليس بمحدث على ما تقدم بيانه، فثبت بدليل العقل أن الله لا يرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة.
  · الأدلة السمعية في نفي الرؤية: -
  ب - وأما الدليل السمعي: فهو قوله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٣] والكلام من هذه الآية يقع في موضعين: