الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الثاني مسائل النفي

صفحة 102 - الجزء 1

  أحدهما: في قسمة الإدراك.

  والثاني: في الدليل على أن إدراك الأبصار هو رؤيتها.

  أقسام الادراك:

  أما الموضع الأول: فاعلم أن الإدراك ينقسم إلى أربعة أقسام:

  ١ -: إدراك بمعنى اللحوق، يقال: أدرك فلان زمان النبي ÷ أي لحقه، وعليه حمل قوله تعالى: {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}⁣[الشعراء: ٦١] أي لملحقون.

  ٢ - وثانيهما: بمعنى النضج والإيناع، يقال: أدركت الفاكهة إذا نضجت وأينعت.

  ٣ - وثالثها: بمعنى البلوغ، يقال: أدرك الصبي والصبية إذا بلغا، ومنه يسمى المكلف البالغ، المدرك.

  ٤ - ورابعها: بمعنى إحساس الحواس، يقال: أدركت ببصري شخصاً، أي رأيته، وأدركت بسمعي صوتاً، أي سمعته.

  وأما الموضع الثاني: فاعلم أن إدراك الأبصار هو رؤيتها.

  والدليل على ذلك أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، فلا يجوز أن يقال: أدركت ببصري شخصاً، وما رأيته بعيني، أو رأيته بعيني، وما أدركته ببصري، بل يعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه، جارياً مجرى من يقول أدركت وما أدركت، أو رأيت وما رأيت.

  (٢) وأما الأصل الثاني: وهو أنه تعالى تمدح بنفي إدراك الأبصار عن نفسه.

  فالذي يدل على ذلك وجهان:

  أحدهما: أن الأمة أجمعت على ذلك، والإجماع حجة، وهذا الوجه مبني على أصلين:

  الأول: أن الأمة أجمعت على ذلك.

  والثاني: أن إجماعهم حجة.