القسم الثاني مسائل النفي
  ٢ - والثاني: أنه لو صح الخبر عن النبي ÷ فإنه لا يصح الأخذ به في هذه المسألة؛ لأنه من أخبار الآحاد، إذ لو كان متواتراً، لوجب أن يكون معلوماً ظاهراً عند الموالف والمخالف، وألاَّ يختص بالعلم به فريق دون فريق، وإذا كان من أخبار الآحاد لم يقتض إلا غالب الظن متى تكاملت شرايطه، وهذه المسألة مما يجب الوصول فيها إلى العلم اليقين، ولا تؤخذ إلاَّ بالأدلة القاطعة؛ لأنها من مسائل أصول الدين.
  ٣ - والثالث: أن ظاهر هذا الخبر يفيد التشبيه، الذي لا يقول به أحد من المسلمين؛ لأن ظاهره يقتضي أن الخلق يرون الله تعالى يوم القيامة، في جهة العلو، على شكل الاستدارة، وهيئة الإضاءة والإنارة.
  ٤ - والرابع: أنه لو صح التعلق بهذا الخبر، لوجب تأويله على ما يوافق دلالة العقل ومحكم القرآن.
  فنقول: المراد بالرؤية المذكورة فيه العلم، والرؤية بمعنى العلم ظاهره، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}[يس: ٧٧] معناه: أو لم يعلم، فيكون معنى الخبر إن صح، إنكم ستعلمون ربكم يوم القيامة، وإنما خص يوم القيامة بالذكر؛ لأن الخلائق كافة يعلمون الله تعالى ذلك اليوم ضرورة، وإن لم يعلمه في الدنيا إلاَّ بعضهم.
  ويكون فائدة التشبيه بالقمر ليلة البدر، أن الخلائق يعلمون الله تعالى ضرورة، كما يعلم القمر من شاهده.
  - ويؤيد هذا التأويل ما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى سمرة بن جندب أنه قال: سألنا رسول الله ÷ هل نرى ربنا في الآخرة؟ قال: فانتفض ثم سقط ولصق بالأرض، وقال: «لن تراه ولا ينبغي لأحدٍ أن يراه».
  - وروينا بالإسناد الموثوق به إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ¥