القسم الثاني مسائل النفي
  في صفة من صفات الذات يوجب المماثلة، ويوجب المشاركة في سائر صفات الذات، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أن القديم صفة من صفات الذات.
  والثاني: أن الاشتراك في صفة من صفات الذات يوجب التماثل، ويوجب المشاركة في سائر صفات الذات.
  أما الأصل الأول: فقد تقدم بيانه.
  وأما الأصل الثاني: وهو أن الاشتراك في صفة من صفات الذات، يوجب المماثلة والمشاركة في سائر صفات الذات.
  - أما أنه (يوجب التماثل). فالذي يدل على ذلك: ما نعلمه من حال السوادين، فإنهما إنما كانا مثلين لاشتراكهما في (صفتي ذاتيهما، وهي كونهما سوادين.
  بدليل أن كلما شاركهما في هذه الصفة) كان مثلاً لهما، وأن ما لم يشاركهما فيها لم يكن مثلاً لهما، فثبت أن الاشتراك في صفة من صفات الذات يوجب التماثل.
  - وأما أنه يوجب المشاركة في سائر صفات الذات. فالذي يدل على ذلك: أن الشيئين متى كانا مثلين، كانا قد اشتركا في صفتي ذاتيهما (على ما قدمنا، فيجب أن يشتركا) في سائر الصفات الذاتية.
  إذ لو اشتركا في صفة ذاتية، وافترقا في صفة أخرى ذاتية، لكانا مثلين مختلفين؛ لاشتراكهما فيما يقتضي التماثل والاختلاف، وذلك محال.
  فلو كان مع الله تعالى قديم ثان، لكان قد تشاركا في صفة ذاتية، وهو كونه قديماً، فيجب أن يشاركه في جميع صفاته الذاتية، وهي كونه قادراً على جميع أجناس المقدورات، عالماً بجميع أعيان المعلومات، حي قديم، فثبت الأصل الأول، وهو أن الله تعالى لو كان معه قديم ثان لكان مثلاً له.