الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الثاني مسائل النفي

صفحة 112 - الجزء 1

  وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز أن يكون لله تعالى مثل.

  فالذي يدل على ذلك: أنه لو كان لله سبحانه مثل، لم يمتنع أن يختلف مرادهما، كما لا يمتنع أن يتفق؛ لأن من حكم كل قادرين صحة اختلافهما وتمانعهما.

  وإنما صح ذلك فيهما لكونهما قادرين، فإذا صح ذلك في الشاهد لم يمتنع مثله في الغائب، فيريد أحدهما تحريك جسم في حال ما يريد الآخر تسكينه، فكان لا يخلو الحال من ثلاثة أقسام:

  ١ - إما أن يوجد مرداهما جميعاً، فيكون الجسم متحركاً ساكناً في حالة واحدة، وذلك محال.

  ٢ - وإما أن لا يوجد مراد كل واحدٍ منهما، فيخلو الجسم من حركة وسكون، وذلك محال، وفيه دليل على عجزهما، (من حيث لم يوجد ما أراداه)، وذلك محال أيضاً.

  ٣ - وإما أن يوجد مراد أحدهما دون الآخر، فمن وجد مراده فهو الإله القديم، ومن تعذر مراده فهو عاجز وممنوع.

  والعجز والمنع لا تجوز إلا على الأجسام، وقد أدّى إلى هذه المحالات القول بالقديم الثاني، فيجب القضاء بفساده.

  · فأمَّا ما تقوله الثنوية من قدم النور والظلمة: فهو قول باطل؛ لأنهما عندنا جسمان، وعند بعض الناس عرضان، وقد بينا أن الأجسام والأعراض محدثة،) فبطل ما ادعوه.

  · (وأما من قال من المجوس بقدم أهرمن فهو قول باطل؛ لأن الشيطان من جملة الأجسام، وقد بينا أن الأجسام محدثة.

  وأما من قال منهم أن أهرمن محدث، ثم أضاف إليه هذه الشرور التي تنفئ منها النفوس فلا يصح قوله؛ لأنها أجسام وأعراض ضرورية، ولا يقدر على ذلك