الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الخامسة أن الله تعالى لا يكلف أحدا من عباده ما لا يطيقه

صفحة 137 - الجزء 1

المسألة الخامسة أن الله تعالى لا يكلف أحداً من عباده ما لا يطيقه

  وهذا هو مذهبنا، والخلاف في ذلك مع المجبرة.

  فإنهم يقولون: إن الله تعالى قد يكلف الكافر الإيمان وهو لا يطيقه، وذلك بناء منهم على أن القدرة موجبة لمقدورها، وأنها غير صالحة للضدين.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه، أن القدرة لو كانت موجبة لمقدورها، لكان تكليف الله الكافر الإيمان تكليفاً لما لا يطاق، وتكليف ما لا يطاق قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح، وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:

  ١ - أحدها: أن القدرة لو كانت موجبة لمقدورها، لكان تكليف الله الكافرَ تكليفاً لما لا يُطاق.

  ٢ - والثاني: أن تكليف ما لا يُطاق قبيح.

  ٣ - والثالث: أن الله تعالى لا يفعل القبيح.

  ١ - فالذي يدل عليه: أن القدرة لو كانت موجبة لمقدورها، متى كانت، لكان عدم الإيمان دليلاً على عدمها.

  ولا شك أن الإيمان لم يوجد من الكافر، الذي مات على كفره، وقد ثبت أنه مكلف بلا خلاف بين المسلمين، والقرآن الكريم ناطق بذلك، قال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}⁣[آل عمران: ٦٤] فيجب على مذهب المخالف أن لا يكون قادراً عليه.

  ولسنا نعني بتكليف ما لا يُطاق سوى ذلك.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أن تكليف ما لا يُطاق قبيح فقبحه معلوم ضرورة، ألا ترى أنه يقبح في الشاهد من الواحد منا، أن يأمر من لا جناح له بالطيران، وأن