الرد على الروافض من أهل الغلو،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفحة 541 - الجزء 1

  فأرسلت، ولم أكن عالما فعلّمت، فلا تقولوا فيّ فوق طولي).

  وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ٧}⁣[الضحى: ٧]. فسماه ضالا ثم هداه، ولم تكن ضلالة رسول الله صلى الله عليه وآله ضلالة شرك، ولا كضلالة قريش، ولا كضلالة اليهود والنصارى، غير أنه كان ضالا عن الشرائع، أي جاهلا بالشرائع حتى بصّره الله وهداه وعرّفه، ولم يجهل رسول الله صلى الله عليه وآله رب العالمين.

  أما بلغك قول الله سبحانه لنبيه: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}⁣[طه: ١١٤]؟! وهل تكون الزيادة إلا من نقصان، فما لم يكن لرسول الله صلى الله عليه، فلا يكون لأحد من خلق الله، وكل عالم بعد جهل يعلم، ولا بد أن يقع اسم الجهل على كل خلقه، كيلا يشبّه أحد من خلقه به؛ لأن الله لم يجهل ولم يتعلم. ولم يزل عالما، وكل خلقه بعد جهل تعلموا، والله سبحانه لم يجهل ولم يتعلم. ولو كان على ما قالت الروافض بأن الأئمة علماء غير متعلمين، ولا يجوز الجهل في وقت من الأوقات على أحد من الأئمة، فسبحان الله أفليس قد شبهتموه برب العالمين، إذ لم يجهل صاحبكم ولم يتعلم، أو ليس قد شبهتموه بالله بقولكم، إذ زعمتم أنه يعلم الغيب، ويعلم أعمال العباد (ومواضعهم، وكل رجل باسمه ونسبه، ويعلم ما تلفظونه، ويعلم ما في قلوب العباد)، فسبحان الله عما يقولون! وهل هذه إلا صفة رب العالمين؟!