الرد على الروافض من أهل الغلو،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفحة 550 - الجزء 1

  إلا عند بلوغه فكيف يأمنه على خلافته؟!

  وقد رويتم وروينا أن جعفر بن أبي طالب جلس بين يدي النجاشي فقرأ آية من الإنجيل ففهمها جعفر فضحك، فغضب النجاشي! فقال: يا جعفر أبكتاب الله تهزأ؟! والله إن الله أنزل على موسى في التوراة، وعلى داود في الزبور، وعلى عيسى في الإنجيل، وعلى نبيئك في القرآن (أن إذا ولي الخلائق الأطفال نزلت عليهم من السماء لعنة، أو أفرغت عليهم من السماء لعنة) فكيف - ويحكم - يكون الطفل إمام المسلمين.

  وإن زعمت الروافض بأن يحيى بن زكريا كان صبيا وكان نبيئا!

  يقال لهم: أحكم الأنبياء وحكم الأئمة واحد؟

  فإن قالوا: نعم.

  يقال لهم: فبم بان الأنبياء من غيرهم؟ إلا أن الأنبياء أعطوا ما لم يعط غيرهم من الأئمة، وأعطي الأئمة ما بانوا به من سواهم من الخلائق. مع أن يحيى بن زكريا لم يرسل إلى أحد من خلق الله، وكان نبيا ولم يكن مرسلا، ولم يل أحكام الأمة، وكانت الأحكام إلى غيره - إلى زكريا - مع أن يحيى دعاء زكريا إذ قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}⁣[مريم: ٥]. وقال: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ٨٩}⁣[الأنبياء: ٨٩]. وقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ}⁣[آل عمران: ٣٨]. فوهب الله يحيى إجابة لزكرياء، وكان في وقت يحيى الحجة زكرياء.

  فإن زعمت الروافض أن عيسى بن مريم تكلم في المهد صبيا.

  يقال لهم: أفتزعمون أن عيسى بن مريم، وصاحبكم شيء واحد؟! ألا ترى أن الله يعجّب به خلقه، وأخبرهم بقدرته إذ قال: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً}⁣[آل عمران: ٤٦].