الرد على المجبرة،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أسئلة إلى المجبرة]

صفحة 504 - الجزء 1

  للظلم، والغراة عليه، فرد الله عليهم بقوله: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]. و: {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً}⁣[المزمل: ١٩، الإنسان: ٢٩]. وقال: {كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ ١١ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ١٢ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣}⁣[عبس: ١١ - ١٣]. وقال موسى، #: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً}⁣[الكهف: ٧٧]. وقال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ}⁣[الزمر: ٧٤]. فذكر الله المشيئة في غير موضع من الكتاب، وذكر أن العباد يريدون ويفعلون ويشاءون، تكذيبا لمن قال بخلاف ذلك.

  فقد ذكرنا جملة من كتاب الله تبارك وتعالى، مما فيه رد عليهم، وحجة بلاغ لقوم عابدين.

[أسئلة إلى المجبرة]

  ونحن سائلون بعد ذلك، وبالله نستعين، مع أن في المسألة آيات كثيرة مما قد دل الله العباد، وبين لهم أنهم يشاءون ويريدون، ويرضون ويحبون.

  فأما المشيئة فقال: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}⁣[فصلت: ٤٠]. وقال: ما {أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً ٥٧}⁣[الفرقان: ٥٧].

  فأما الإرادة فقال: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}⁣[آل عمران: ١٥٢].

  وأما الرضى، فقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}⁣[المائدة: ١١٩].

  وأما المحبة، فقال: {يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ}⁣[الحشر: ٩]. وفي ذلك آيات كثيرة مما لم نذكره.

  ثم يقال لمن زعم أن الله خلق أكثر خلقه ليعبدوا غيره: ما حجتك وما برهانك على ما ادعيت من ذلك؟ أبكتاب الله ما قلت؟! أم بسنة؟ أم بقياس؟