[عيسى بشر]
  وزوال الأزلية والوحدانية، وإذ لا يكون واحدا من كان له ولد أبدا، ولا يكون أزليا من كان أبا أو والدا، لأن الابن ليس لأبيه برب، وكذلك الرب فليس لمربوب بأب، إذ كان الابن في الذات هو مثله فكلاهما من الربوبية قاص متبعّد، إذ ليس منهما من هو بها متفرد متوحد. لأن الربوبية لا تمكن أبدا إلا لواحد، ليس بأصل لشيء ولا ولد ولا والد.
  ولكل ولد في ذاته، ما للوالد من صفاته، وكذلك والده فله في الذات، مثل ما للولد في ذلك من الصفات، كالانسانية التي للابن منها ما لأمه وأبيه، وفي الأبوين منها ومن كمالها مثل ما فيه، فليس له من الانسانية وحدودها، ولا مما يوجد فيه وفيهما من موجودها، أكثر مما لهما منها، وكل واحد منهما فغير مقصر عنها، ولتمامهما جميعا فيها، وفطرة الله لهما عليها، كان الابن ولدا لهما ونسلا، وكانا له بها محتدا وأصلا، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه، لعيسى ~ ورضوانه، فيما نزل من الكتاب، في يوم البعث والحساب، توقيفا وتعريفا له وللعباد، على أنه قد يجب للوالد في الذات ما يجب للأولاد، وتوبيخا لمن أفرده دون أمه في العبودية والإلهية، وحالهما في الذات حال واحدة مستوية، فعبدوه عماية وجهلا دونها، وهم يعلمون أنه ابنها ومنها، ويوقنون فلا يشكّون أن أباها أبوه، فهي وآباؤها أولى منه بما أعطوه، إذ كان لو لا وجودهم لم يوجد، ولو لا ولادتهم له لم يولد.
  فكيف يعبدونه دونهم، ولم يكن قط إلا منهم، فهو في الذات كهم، إلا أن يفرقوا بينه وبينهم، بحال يخصونه بها دونهم، أو بغير ذلك من فعل من الأفعال، هو سوى ما يجمعهم وإياه في الذات من الحال، فكيف وذلك غير قولهم، وما يبنون عليه من أصلهم.
[عيسى بشر]
  فاسمعوا لقول الله في ذلك وبيانه، وما بيّن فيه ﷻ من تفصيله وفرقانه، إذ