[مصادر عقائد النصارى]
  سبحانه بأسف رسوله، صلى الله عليه وآله، من قولهم على الله سبحانه بالفاسد المحال، وبأخبث ما يقال من متناقض الأقوال، ونبأ الله جميع عباده، بجهلهم لقولهم فيه وفساده، بقوله سبحانه: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ٥}، ووجدنا ما قال الله من كذبهم فيه وقلة علمهم لازما واجبا، وكان ذلك على ما قال به من أهل الكتاب، أوكد لما يقولون به من ربوبية رب الأرباب، فكلهم يثبت لله الربوبية، ويصحح له الوحدانية، وجميعهم - وإن زعم أن لله ولدا - يقر بربوبيته ووحدانيته، ويشهد له بدوامه وأزليته، التي لا يصح لهم أبدا ما يقولون به منها، إلا بتركهم لمقالتهم في الولد والرجوع عنها، ولن يرجعوا عن ذلك مصارحة أبدا، وإن هم قالوا أن قد اتخذ الله ولدا، لأن في رجوعهم عن القول لله بالوحدانية والأزلية، لحوقهم عند أنفسهم بقول أهل الجاهلية، من عبدة الأوثان، والنجوم والنيران، وذلك فما لن يقولوه، وإن لم يعرفوا الله وجهلوه، لفساد ذلك عندهم وشناعه، وبعد إمكان ذلك في الله وامتناعه، ولذلك ما يقول ﷻ، عن أن يصح عليه تشبيه شيء أو يناله، في أزلية قديمة أو ذات، أو صفة ما كانت من صفات، إذ في ذلك، لو كان كذلك، إشراك غيره معه في الإلهية، إذ كان شريكا له في القدم والأزلية.
  فتبارك الله الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، وجل ربنا عن أن يكون له في شيء كفؤ أو نظير! وأنى وكيف يكون خلق كخالقه؟! وهل يصح من ناطق بهذا لناطقه؟! لا ولو تظاهر الخلق جميعا عليه، لما صح لهم والحمد لله أبدا منطق فيه.