التفكر في المخلوقات هو الدليل للمعرفة
  في أبلغ كمال وأكمل جلال لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم.
  فإذا عرفت هذا فقول السائل: كيف خالق لا نتصوره؟ كلمة ليس لها أي قبول عند كل عاقل ولا مساغ ولا مدخل لها ولا قبول، لأنها لم تكن تدل على إشكال؛ لأنه ليس كل موجود يجب أن يتصور وإلا فهو غير موجود ولا يعقل ولا يعرف، فيلزم ان يكون غير موجود، كان الله ولا شيء معه، وإذا لم يتصوره المربوبون فليس بخالق لهم هذا خلف من القول ويدفعه العقل حيث أنه قد وجد في المحدثات ما لا يتصور ولا يعرفه العقل ولا يفهمه كالروح والعقل فكيف بواجب الوجود.
  فإن أراد السائل أن من حق الخالق أن يتصور لأنه رب عظيم فلا يجهل عن التصور قلنا: إن التصور في حق الله نقص لأن العقل يقضي بأنه لا يتصور إلا ما كان له جهة وحَدٌّ الا أن يكون جسماً أو عرضاً لا غير والله ليس بجسم ولا عرض ولا مما يتصور فليفهم المطلع فهذا أمر خطير وذنب عظيم كبير.