الهاشمة لأنف الضلال من مذاهب المطرفية الجهال،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

الهاشمة لأنف الضلال من مذاهب المطرفية الجهال

صفحة 56 - الجزء 1

  جلطوا حب زرعه بينه وتركوه هشيماً لا منفعة فيه وخلطوا ثمره بحبه بترابه عمداً جهاراً. قالت المطرفية عند ذلك أن جميع ما يحصل في هذا الزرع والعنب عند الخبط هو فعل الله سبحانه لا فاعل له غيره لتعويلهم على ما ذكرناه عنهم من قولهم فعل العبد لا يعدوه، فنسبوا إلى الله سبحانه الظلم الصريح والجور القبيح في هذه الأشياء وأضافوا إليه فعل الظلمة ونفوا عنه فعل نفسه وجمعوا بين أمرين لم يجمع بينهما أحد من البرية، وأخذوا من كل مذهب خبيث أخبثه لأن مذهب الملحدة الطبعية و مذهب المجبرة القدرية من أخبث المذاهب وأنجسها. وقدمنا أن كل فرقة منها أخطأت في بعض قولها وأصابت البعض الآخر على ما تقدم منا. والمطرفية المبتدعة أخذت الخطأ من كل فرقة، فأخذت من كل مذهب أخبثه وجمعت الخطأ إلى الخطأ فغلبها من الوزر مثل ما على هاتين الفرقتين في هذا الباب. فلهذا قلنا أنها مخالفة لجميع البرية فصاروا هم وسائر الفرق الثلاث المتقدمة في ضرب المثال بمثابة أربعة رجال تنازعوا في صدق محمد ÷ وصدق مسيلمة الكذاب. فقال الأول محمد ومسيلمة صادقان معا. وقال الثاني هما كاذبان معا وقال الثالث بل محمد صادق ومسيلمة كاذب. وقال رابع بل محمد كاذب ومسيلمة صادق. فلا إشكال عند أصل البصاير أن الأول قد أصاب في نصف خبره وهو تصديقه لمحمد ÷ وأخطأ في نصفه الآخر وهو تصديقه لمسيلمة الكذاب. وكذلك الثاني فقد أصاب أيضاً في نصف خبره وهو تكذيبه لمسيلمة الكذاب وأخطأ في نصفه الآخر وهو تكذيبه النبي الصادق ÷. وأما الثالث فإنه أصاب في جميع خبره لأنه صدق النبي الصادق ÷ وكذب مسيلمة الكاذب فأخذ الصواب من قول كل فرقة وترك الخطأ من