رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الثاني عشر في جزاء الأعمال والوعيد

صفحة 123 - الجزء 1

  لكم غناء عن الطاعة، فما بالكم لم تأتوني بالمعاصي لأغفر لكم؟ قال معتزلي: هذا أغراء بالمعاصي. فقال: رغماً لكم!

  ويُحكى أن مجبراً حضرته الوفاة وعليه ديون جمة، فجمع أولاده وقال لهم: قد علمت أني من إحدى القبضتين فاحتفظوا بمالكم ولا تقضوا عني شيئاً من ديوني، فإني إن كنت من أهل الجنة لا يضرني شيء، وإن كنت من أهل النار لا ينفعني شيء. فقال معتزلي: هذا اعتقاد جميعكم؟ قالوا: نعم. قال: بئس الاعتقاد وبئس الزاد ليوم المعاد.

  وسأل عدلي مجبراً - يُسمى عبدالله بن داود - قال: أليس عندكم أن العبد أتى في كفره من قِبل الله، وأطفال المشركين يُعذبون بذنوب آبائهم؟ قال: بلى. قال: أفكلكم يقول هذا؟ قال: تعن. قال: فبأي ذنب هذا ولا ذنب من قِبَلِه؟ تباً لكم! ما تقول في مشرك وُلِدَ له ابن ومات الابن ثم أسلم المشرك، كيف حاله؟ قال: المشرك الذي أسلم في الجنة وطفله في النار. قال: تباً لهذا القول، أليس بذنب أبيه أُخذ؟ فما باله غُفر له ولم يُغفر لولده؟

  قال عدلي لمجبر: أليس عندكم يحمل ذنوب المسلمين على الكفار؟ قال: نعم. قال: فالمعاصي أنفع وأحسن لأنه يحمل على الكفار فيغمهم! فقال: إذا يحمل عليه ذنبه لأنه خلقه؟ قال: نعم!