الباب الثالث عشر في ذكر السلف
  فقام معتزلي من الجن وقال: أما سلفنا فحضروا رسول الله ÷ وأخذوا منه دين الله ولم يضيفوا ذنباً إلى الله، بل ردوا على المجبرة قولهم حيث قالوا: {وَأَنَّهُ كانَ يَقولُ سَفيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ٤ وَأَنّا ظَنَنّا أَن لَن تَقولَ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ٥}[الجن: ٤ - ٥]. ثم أخذ يطري مذهبه ويزري بمذهبنا. فقلت لمشايخنا: أما فيكم مجيب؟ أما فيكم معين؟ أما أحد يقوم مقاماً فيذب عن مذهبه؟ فما أحار أحد جواباً.
  فقرأ قارئ: {سَيَقولُ الَّذينَ أَشرَكوا لَو شاءَ اللَّهُ ما أَشرَكنا}[الأنعام: ١٤٨]، فقال بعض مشايخنا: مَن هؤلاء الذين قالوا بمقالتنا وأضيف إليهم الشرك؟
  فقال المعتزلي: أولئك كفار قريش، أعداء رسول الله ÷ ومنكروا دين الله. فغضبتُ وقلت: أولئك الملأ من قريش.
  بدور الدجى وشموس الضحى ... أسود الوغى وبحور الندى
  كم من مجلس جمعني وإياهم، وكم من تدبير جرى بيني وبينهم. كانوا كما قيل:
  وسادة عاشرتهم لم أزل ... في ظل عيش لهم رغد
  وكان أخص القوم بي أبو الحكم، سيّد من أخلصني وده وخير من أخلصته ودي. ومشايخي حولي يبكون والمعتزلة يسخرون ويلعنون!