الباب الرابع عشر في المقامات والحكايات
  فقلت لمشايخنا: أنتم أصدقائي حقاً، لولا أنتم لذهب أمري هدراً!
  حكاية - قلت لأصحابي من مجبرة الجن: لا طاقة لنا بهؤلاء المعتزلة، فالصواب ما فعلته قريش بمحمد ÷ وأصحابه في حصار الشعب، فبايعنا أن لا نكلمهم ولا ندخل عليهم ولا نبايعهم وتحالفنا على ذلك. وقام معتزلي فقال: أرأيتم لو خُلِق فيكم كلامنا والدخول علينا ومبايعتنا ومخالطتنا أتقدرون على الامتناع؟ فقلت لأصحابي: اسكتوا ولا تجيبوهم فتفتضحوا! فقام يجر رداءه وينشد:
  وما بقيا علي تركتماني ولكن خفتما صرد النبال
  حكاية - وقعت مسألة، وهي أن واحداً حلف بأن ما يملكه من ماله صدقة وما يملكه من عبيده أحرار وما يملكه من نسائه طوالق، ثم ندم، فسأل عنها فقهاء المعتزلة فقالوا: مالك صدقة وعبيدك أحرار ونساؤك طوالق. فقال الشيخ من شيوخ المجبرة: أخطأ الفتوى وما أصابك، لست تملك شيئاً، لأنك إن قلت أملك مع الله فقد أشركت وإن قلت من دونه كفرت، فقال المعتزلي: يا أحمق! إنما يملك ما ملكه الله ولا يملك شيئاً من دون الله. وضج الناس وقالوا للجبري: أخطأت! ما لك والفتوى؟
  حكاية - روى عن النبي ÷ أنه قال: لعن الله المنفرين ورحم الله المكلفين. فقال بعضهم تفسيراً للخبر: المنفر من أيس من رحمة الله، والمكلف من لم يُؤيس عباده من رحمته. فقام معتزلي وقال: نحن المكلفون والمجبرة هم المنفرون، لأنا نصف الله بكل رحمة ورأفة وثناء