الباب الرابع عشر في المقامات والحكايات
  أَنفُسَكُم}[إبراهيم: ٢٢] حيث قبلتم مني ولم تقبلوا من خالقكم، وهم يقولون: لا تلوموني ولا تلوموا أنفسكم ولكن لوموا خالقكم حيث خلق في إبليس والوسوسة وخلق فيكم المعصية.
  وقالوا: أنه تعالى يعذب بغير ذنب ويعاقب بغير جريمة.
  ثم أضافوا إلى الرسل كل قبيح ووصفوهم بما لايليق بهم، تنفيراً عنهم وعن طريقتهم.
  ثم دانوا ببغض أهل بيت نبيكم واعتقدوا موالاة أعدائهم.
  ثم أبطلوا الرسل والكتب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن قالوا: لايجدي ذلك شيئاً، إن كان من قبضة أهل النار فلا ينفعه شيء وإن كان من قبضة أهل الجنة فلا يضره شيء. وقالوا للآمرين بالمعروف: أتنقضون ما خلق الله أم تدفعون ما قدر الله؟ أم تدعوهم إلى شيء ليس إليهم من ذلك قليل ولا كثير؟ فأي قوم أسوأ ثناء على الله منهم؟ ويقولون: الغوث مما فعل بنا ربنا ونعوذ به مما قضى علينا ونسأله البعد عن مشيئته لنا. فتباً لهم! ضلوا وأضلوا.
  فانظروا رحمكم الله إلى هذه المذاهب الردية ثم انظروا إلى مذاهب العدلية حيث قالوا: أنه تعالى واحد لا شبيه له ولا نظير وأنه هو المتفرد في ملكه المتوحد في سلطانه القادر العالم لذاته لا يحتاج إلى علم وقدرة بهما يعلم ويقدر، وأنه الحي السميع البصير لا يحتاج إلى طبيعة بها يحيى ولا سمع ولا بصر به يدرك. ويقولون: أنه لا يرى ولا يسمع بحواس وليس له مكان، ولا يجوز عليه صفات الأجسام. وأنه عدل في أفعاله صادق في