الباب الرابع عشر في المقامات والحكايات
  أقواله، لايفعل القبيح ولا يشاؤه ولا يقضيه، بل هو فعل العباد وأنهم أحدثوه. وأنه كلفهم رحمة منه فمن أطاعه أثابه ومن عصاه عاقبه، لا يأخذ أحداً بذنب أحد ولا يعاقب بغير جريمة، وأعطى المقدرة وأزاح العلة، فمن عصاه فمن قِبَلِ نفسه أُتي ومن أطاعه فبدلالته وتوفيقه وبهدايته اهتدى. وأنه إذا وعد وأوعد وفى بكل ذلك، لا يجوز عليه الخلف، ما يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد. وأنه بعث الأنبياء حجة على خلقه ونزههم عما لايليق بهم من مخالفته، وأمر بالشرائع مصلحة لعباده وأقام الأئمة تطهيراً لبلاده. {وَلِلَّهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ}[الأعراف: ١٨٠]. ووصفوه بما وصف به نفسه من الرأفة والرحمة، ونزهوه عما نزه نفسه عنه من القبائح، وحببوه إلى خلقه بذكر نعمه، وشكروه على ما أسدى إليهم من كرمه. فتوازروا في دين الله، وتحابوا في أمر الله، وذروا هؤلاء المجبرة فإنهم أعداء الله وأعداء رسوله، ونزل. فتفرق الناس وهم يلعنون المجبرة.
  سؤال - وسأل عدلي مجبراً: أليس بعث الله يحيى إلى قومه؟ قال: بلى. قال: أليس خلق فتكه فيهم؟ قال: بلى. قال: فهل هذا فعل حكيم؟ قال: لا. قال: فلم تقول به؟
  قال: دين الآباء.
  وسأل آخر: أليس جعل الله الماء رزقاً للعباد؟ قال: بلى. قال: أفيعاقبهم بأخذه؟ قال: لا. قال: أليس على الغصب رزقاً للغاصب؟ قال: بلى. قال: أفيعاقبه عليه؟
  قال: نعم. قال: ولمَ وقد استويا؟ فانقطع.