رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر في ذكر المذاهب

صفحة 146 - الجزء 1

  وأصحابه. أما علمت مشايخنا كيف وقفوا المواقف وكيف ردوا على أهل الأهواء والضلال. فرحم الله سلفهم وخلفهم وألحقهم بنبيهم ÷.

  فقلتُ يا معشر الأصحاب! أما من راد؟

  فقام شيخ من المجبرة وقال: لِمَ أبطلتَ هذه المذاهب حتى صححت مذهبك وأطريت طريقك؟ فقال: أبين مذهباً مذهباً وما هم فيه من الطرائق الردية والأقوال السيئة:

  أما النجارية فإن رئيسهم الحسين النجار، وكان غرضه التلبيس والتدليس ولم يكن يرجع إلى دين. فحدث أبو العباس بن محمد الهاشمي قال: كان النجار حائكاً في جوار بيت لنا، وقال: قلتُ للنجار ويحك! إنك قلتَ في الإستطاعة مقالة لايقبلها العقل، فقال: إني لا أعرِفُ صحة هذه المقالة ولا فساد قولكم ولكني في قولي هذا رأس ومتى صرت إلى قولكم صرت ذَنَبَاً فلا أفعل. فانظروا كيف اختار الدنيا على الآخرة. ومن قول النجار: أن معنى قولنا «عالِم» أنه ليس بجاهل فقط، ومعنى قولنا «قادر» أنه ليس بعاجز، ومعنى قولنا «حي» أنه ليس بميت، وليس هناك صفات. وهذا خروج من التوحيد. ومن جهله أنه قال: أن القرآن مكتوب جسم ومتلو عرض وعنده يجوز بقاء الجسم ولا يجوز بقاء العرض فيلزمه أن يكون القرآن باقياً وغير باق. وقال: الجسم أعراض مجتمعة. ويقول: أن الله في كل مكان بذاته لا بمعنى الحلول والمجاورة، وهذا غير معقول. ويقول: أنه قادر لذاته عالم لذاته مريد لذاته. ثم يقول: ما يصح أن يُعلمه يجب أن يُعلمه وما يصح أن يكون مقدوراً يجب أن يقدر عليه، ثم لا يقول مايصح أن يكون مراداً يجب أن يريده، فقد ناقض. ويقول: الكافر يصح منه الإيمان في حال الكفر، وهذا تجويز لاجتماع الضدين. ويقول: قدرة الإيمان تضاد قدرة الكفر، فيستحيل