فصل
  وبقوله: {لَن تَراني}[الأعراف: ١٤٣] ورووا عن عائشة أنها سئلت هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت ثلاثاَ! من زعم أن محمداَ رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ورسوله وقد قال الله تعالى: {لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ}[الأنعام: ١٠٣] ومن زعم أنه يعلم ما في غد وقد قال تعالى: {وَما تَدري نَفسٌ ماذا تَكسِبُ غَدًا}[لقمان: ٣٤] ومن زعم أنه لم يبلغ شيئاَ وقد قال تعالى: {بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ}[المائدة: ٦٧]. وعنها وقد سئلت عن ذلك فقالت: أنا أول من سأله عن ذلك فقال: رآه قلبي ولم تره عيناي. ثم زادت المشايخ، فقالت الحنابلة بالمجالسة والمصافحة، وقالت الكرامية بأنه يرى من فوق كما ترى السماء.
  ولما قامت المعتزلة بالرد عليهم في ذلك وعلم شيخنا الأشعري أن ذلك لا يتم على النظر قال: يرى بلا جهة وكيف، فجعله من باب ما لا يعقل - تلبيساَ وتدليساَ - وجرى ذلك في العامة. غير هؤلاء المعتزلة فإنهم قالوا زدت في الفساد، فإن القوم أثبتوا معقولاَ وأنت أثبت شيئاَ لا يعقل.