فصل
  فيحسن. وقالوا: لو قبح للنهي لاختص بمعرفته من عرف النهي. وأيدوا كلامهم بآي من الكتاب وبكثير من الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأصحابه.
  فأما أنتم إخواني وسادتي فما خالفتموني في ذلك كصنيع المعتزلة، بل قبلتم ورويتم في ذلك الأحاديث وقلتم: إنه يعذب الأطفال بذنوب الأباء، ويحمل ذنوب المسلمين على اليهود والنصارى، وانه لو عذب الأنبياء وأثاب الفراعنة لما يقبح منه، ولو أضل العالمين وعذبهم لا يقبح، وأنه خلق عبادة الأوثان وسب نفسه وقتل الأنبياء والأولياء وكل كفر وضلال.
  اجتمع عندي نفر من مشايخنا ومن المعتزلة، فإذا قرأ قارئ: {وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة: ١٦٥]، فقال رجل من المعتزلة: لا أحد أشد حباَ لله من المعتزلة، فقيل له: لم؟ قال: لأنهم قالوا هو المنعم بضروب من النعم ومنه كل الخيرات ولا شر في أفعاله ولا قبح في قضاه ولا خلف في مقاله، يرجى من عنده كل خير ويؤمن كل شر، يثيب على الطاعات ويعفو عن السيئات ومن كان هذا حاله فلا حب فوق حبه، و المجبرة تزعم أن كل شر من عنده وأنه لا يؤمن شره بل لا يؤمن من عبده مائه سنة أن يدخله النار وأن يخلق فيه الكفر وينزله مع الكفار، فمن هذا اعتقاده فيه كيف يحبه؟ وقص سيفويه القاص فقال في قصصه: من أنت حتى لا يظلمك الله