فصل
  لا تسأل عنها لم صارت معوجة ومكسورة وصحيحة.
  ثم قال: وأنا أسألك.
  قال: سل.
  قال: ما تقول في رجل غرس في بستان له خوخاً لم يغرس غيره، ثم قال لغلامه اذهب إلى البستان فائتني بكل فاكهة، فقال الغلام: ليس في البستان إلا الخوخ، قال اذهب فأحرقه! لِمَ لم يكن فيه سوى الخوخ، أهذا حكمة؟
  قال: لا.
  قال: فكيف جوزت على ربك أن يخلق كافراً ثم يعذبه لِمَ لم يكن مؤمناً؟
  فانقطع.
  وقال مجبر يوماً: يا مصلح المفسدين! فقال عدلي له: لمَ قلت ذلك؟ قال: لأن الصلاح منه. قال: فقل على مذهبك يا مفسد المصلحين! لأن الفساد منه. ففكر ثم قال: يلزمني ذلك لكنه قبيح. فسكت.
  وسأل آخر مجبراً فقال: أليس تقرر في العقول الإحسان إلى الولي والإساءة إلى العدو، وأن من فعل ذلك يكون حكيماً ومن فعل ضده وصف بالسفه؟ قال: نعم. قال: أرأيت لو أن رجلاً عبد الله مائة سنة وآخر عبد الوثن مائة سنة، فخلق في الأول الكفر وأدخله في النار وفي الثاني الإيمان وأدخله الجنة، أليس عدوه أحسن حالاً من وليه؟ فانقطع.
  وحكى بعض المعتزلة أن أمير المؤمنين # مر بقتلى النهروان فقال: تعساً لكم! لقد ضركم من غركم. فقال بعض أصحابه: من غرهم يا أمير المؤمنين؟ قال: الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والأماني. فقال مجبر: كان علي معتزلياً والله! فالله غرهم وفعل بهم ما فعل وأوردهم تلك الموارد.