رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع في القضاء والقدر وذكر القدرية

صفحة 64 - الجزء 1

  واجتمعت أنا وهم في مجلس فجرى ذكر القدرية وأنهم مجوس الأمة على ما وردت به السنة. فقالت المعتزلة: القدرية هم المجبرة لوجوه أربعة:

  أحدها: أن هذا الاسم أخذ من القدر، وإنما يؤخذ من الإثبات لا من النفي كالموحدة والمشبهة والمجسمة، وقد اختلفنا في أن المعاصي بقدر الله أم لا، فقلتم بلى وقلنا لا، فأنتم بالاسم أولى منا.

  وثانيها: أنكم لهجتم بذكر القدر في كل قضية وفي إضافة القبيح إليه، فنسبتم إليه كما يقال تمري ولبني.

  وثالثها: روي أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سئل عن القدرية من هم؟ فقال: قوم يعملون المعاصي ثم يقولون إن الله قدرها عليهم.

  ورابعها: أنه شبههم بالمجوس، ومذهب المجبرة عين مذهب المجوس لأن المجوس تقول: من يقدر على الخير لا يقدر على الشر، ومن يقدر على الشر لا يقدر على الخير، والمجبرة تقول: من يقدر على الإيمان لا يقدر على الكفر، ومن يقدر على الكفر لا يقدر على الإيمان، ومذهب المعتزلة بالضد من ذلك فعندهم يستحيل أن يقدر على الخير ولا يقدر على الشر ولكن إما أن يقدر عليهما معاً أو لا يقدر على وأحد منهما. فلم يكن عندهم جواب.