رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس في الاستطاعة

صفحة 84 - الجزء 1

  والاشتغال بالترك فلزمه الكلابية. وقال شيخنا أبو الحسن: ما هذا الحياء؟ ولأي معنى هذا الرياء؟ صرحوا بتكليف ما لا يطاق ودعوا هذا النفاق وإن رغم أنوف المعتزلة. فقلت شكر الله سعيك! أرحت واسترحت! وصرحنا به وحمدناه على ذلك. وقامت المعتزلة بالرد علي وعليكم.

  ولقد قرأ قارئ {وَما مَنَعَ النّاسَ أَن يُؤمِنوا}⁣[الإسراء: ٩٤] فقال بعض المعتزلة: يا معشر المجبرة! كيف يكون هذا على مذهبكم وقد منع الناس من الإيمان بخصال من المنع، كل واحد منها يمنع فكيف بمجموعها؟ قيل له: وما هي؟ قال: خذوا، فأحدها أنه خلق الكفر، وثانيها خلق القدرة الموجبة للكفر، وثالثها أنه أراد الكفر من الكافر وقضاه وزينه ولم يخلق فيه الإيمان ولا أعطاه قدرة الإيمان ولا أراده ولا قضاه. فقلت لمشايخنا: أجيبوه! إذا كان المذهب ما قال فما معنى الجواب؟

  وأنشد معتزلي لابن عباد في ذم أصحابنا أشعاراً كثيرة، منها:

  يقول لنا بعض جيراننا ... أريد المنارة في المبعر

  فقلت له يا فتى لا تطيق ... فأعرض كالمبغض المنكر

  فقال وتكليف مالا يطاق ... يجوز على مذهب الأشعري

  وحضر يوماً المعتزلة والمجبرة، فقال معتزلي: ليس في الدنيا أسوأ ثناءً على