رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السابع في الإرادة و الكراهة

صفحة 94 - الجزء 1

  لِمَ تلعن هذا الشيخ وقد وافق الله في الإرادة؟ فقال المعتزلي: كذبت! بل خالف الله ووافقكم وأنتم حزب الشيطان ونحن حزب الله، {أَلا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحونَ}⁣[المجادلة: ٢٢].

  وسأل أبو عثمان الجاحظ أبا عبد الله الجدلي: هل أمر الله المشركين بالإيمان؟ قال: أي والله! قال: فهل أراده منهم؟ قال: ولا والله! قال: أيعذبهم على ذلك؟ قال: أي والله! قال: فهذا حسن؟ قال: لا والله!

  وسأل عدلي مجبراً: ما تقول، إرادة الله أحسن وأفضل للعباد أم إرادة رسوله؟ قال: بل إرادة الله. قال: أليس عندك أنه أراد الكفر وقتل الأنبياء والمعاصي والزنا والسرقة وعبادة الأوثان، وأراد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الإيمان والطاعة وترك المعاصي؟ فقد زعمت أن الكفر أحسن وأفضل من الإيمان. فقال: أقول إرادة الرسول. فقال: زعمت أن إرادة العباد و اختيارهم خير وأفضل من إرادة أرحم الراحمين. فانقطع.

  وسأل عدلي مجبراً فقال: ما تقول، إرادة إبليس للعباد خير أو شر؟ فقال: شر لأنه أراد أن يضلوا ويكفروا. فقال: أو يستحق بذلك اللعنة؟ قال: نعم. قال: أليس عندك أنه تعالى أراد ذلك؟ فوجب أن يكون إرادته أيضاً شراً. فانقطع.

  وسأل عدلي مجبراً فقال: ما تقول في رجل زعم أن جميع ما كان في أيام النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من الكفر والفجور وعبادة