رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس عشر في القتال

صفحة 155 - الجزء 1

الباب السادس عشر في القتال

  اعلموا ياسادتي وإخواني أنه لما جرى بيننا مناظرات وجمعنا وإياهم مقامات عجزنا عن المقال ودبرنا عليهم بالقتال، وقلت لمشايخي من مجبرة الجن: لقد أدركت مالم تدركوه وشاهدت مالم تشاهدوه. ولقد شهدتُ مقاتلة الملائكة مع الجن حتى أسرت ولبثت فيهم مالبثت، حتى خُلق آدم وأُمرت بالسجود فأبيت، وأُخرجت من الجنة إلى الأرض فهبطت، وبيني وبين آدم وذريته من العداوة ماعلمتم ومن أمري وأمرهم ما رويتم. ثم شهدت قتل هابيل وأنا أحرض قابيل على قتله، وشهدت نوحاً وأنا أمني ابنه، وشهدت عاداً فدعوتهم فأجابوني وخالفوا رسولهم هوداً ووافقوني، وشهدت ثموداً فاتبعوني ونمرود وأشياعه فقبلوا مني وأنا لقنتهم: اقتلوا إبراهيم وحرّقوه، وشهدت فرعون إذ جاءه موسى باليد والعصا، وكنت مع السحرة إذا جاؤوا بالسحر حتى آمنوا بموسى، وكنت مع اليهود إذ هموا بقتل عيسى ومع قوم زكريا إذ قتلوا يحيى، وكنت القائل لإخوة يوسف: {اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم}⁣[يوسف: ٩]. وكنت مع مشركي قريش في مقاماتهم وأنديتهم يدبرون في أمر محمد ÷ فشهدت دار الندوة حيث دبرنا في أمره وأنا أحثهم على قتله، وشهدت بدراً أحث الناس على قتاله، وشهدت أحداً حتى فعلنا